بسم الله الرحمن الرحيم
ضيوفنا الكرام،
أشكركم على مشاركتكم لنا الاحتفال بالذكرى السنوية الأربعين لتأسيس مجموعة الحبتور.
تغمرني سعادة عامرة وأنا أرى نفسي في هذه الأمسية محاطاً بهذا العدد الكبير من الأصدقاء والشركاء والزملاء.
لو أن أحداً قال لي قبل 40 عاماً أن شركة مقاولات البناء المتواضعة تلك التي أسستها مع صديقي العزيز رياض صادق ستتطور لتصبح ما هي عليه مجموعة شركات الحبتور اليوم لما صدقته حينها.
يقال بأن التجربة معلم شديد الصرامة لأنها تواجهك بالامتحان أولاً ثم تعطيك الدروس.
وهذا هو بالضبط ما عشته أنا خلال هذه التجربة الطويلة.
كنت شاباً في مقتبل العمر ومهتماً بالأعمال ولديه الحافز بالنظر إلى الحاجة لأن أعيل أسرة بدأت تكبر.
وأحمد الله على أنه أعطاني في تلك الأيام التي اتسمت بالبساطة وغياب التعقيد قدوة استمد منه الإلهام والطموح.
كان المغفور له الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم في تلك المرحلة من تاريخ بلادنا يعمل لأكثر 16 ساعة يومياً ومع ذلك لم يكن يبخل على أحد أبداً بالتشجيع والدعم المعنوي.
كان رجلاً لم يكن بمقدور كل من عرفه إلا أن يحبه ويعجب به.
سأبقى ما أعطاني الله من عمر ممتناً للشيخ راشد رحمه الله على ثقته الكبيرة التي وضعاها فينا حينما كلفنا بالعديد من المشاريع المهمة على الرغم من وجود الكثير جداً من شركات المقاولات العالمية الكبيرة الراغبة فيها والتي فاقتانا خبرة بكثير يومها.
كيف كان لنا أن نخيب حسن ظنه فينا؟ لم يحدث أبداً أن كنا غير جديرين بثقته!
خلال الأزمة المالية الأخيرة، هذه التي أسميها يوم الحساب، كانت شخصية الشيخ راشد القدوة لي وأنا أقود فريقي لتجاوز تلك الأيام الصعبة. واليوم حين أعود للتفكر فيها أجدني مؤمناً بأن تلك الأزمة كانت نعمة وليست نقمة. لقد خرجت مجموعتنا منها أكثر قوة ونجاحاً وبوضع مالي أفضل من السابق.
سألني أحدهم مؤخراً عما إذا كانت التحديات التي تواجه الشباب اليوم أسهل مما كانت عليه في السابق. وجوابي كان بالنفي. صحيح أن الشباب اليوم يتمتعون بوسائل الراحة المادية ويتوفر أمامهم الكثير من الخيارات للترفيه والتسلية. غير أن القرن الواحد والعشرين شديد التطلب حقاً. لم يسبق أن كانت الحياة بذلك القدر من التنافسية والتعقيد الذي هي عليه في وقتنا هذا الذي أصبح فيه العالم قرية صغيرة.
لم يعرف جيلي التحديات التي يواجهها الشباب الآن. ولهذا كنت طوال حياتي حريصاً على تنشئة أولادي بأعلى معايير التعليم والانضباط. غير أن ما يحز في النفس هو أن مثل هذه الفرص لا تتاح لكل الأطفال. كثيرون منهم يعانون الفقر والحاجة. وكثيرون عاشوا طفولتهم ضحايا للكوارث الطبيعية والحروب.
أطفال غيرهم أراد لهم الله أن يولدوا بأمراض ذهنية أو عضوية. ولهذا فإن من واجبنا جميعاً أن نقدم يد العون للأطفال المحتاجين كل حسب طاقته. والتعليم يمثل لكثير من الأطفال المحرومين طوق نجاة يخلصهم من معاناتهم. كما يوفر لهم السبيل لإعالة أنفسهم وتحقيق قدر مناسب من الاعتماد على النفس.
أما الجهل فكثيراً ما يكون بوابة الشر فيما المعرفة قوة.
إيماني الراسخ بهذا الأمر كان الحافز لنا لإطلاق حملتنا الرامية لدعم جهود جمعية الهلال الأحمر من أجل توفير التعليم للأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة.
حين ينعم الله على أحدنا بالثروة فهو يلقي عليه أيضاً مزيداً من المسؤولية.
وقد أنعم الله علي بالكثير وأشعر بأن من واجبي أن العمل على أن يعم هذا الفضل على الآخرين.
نعم، صدق المغفور له باني دولتنا الشيخ زايد بن سلطان حينما قال إن من واجب كل إنسان أن يقدم للعالم بقدر ما أخذ منه على أقل تقدير.
والعطاء هنا، أو رد الجميل، يجب أن يكون منزهاً عن أي تمييز قومي أو عرقي أو ديني أو طبقي أو سياسي أو غيره.
ولهذا فإني أتوجه بالدعوة اليوم لكل الحاضرين معنا في هذه المناسبة للمساهمة في تحسين حياة الآخرين عبر التبرع إلى مؤسسته الخيرية التي يفضلها أو لإنسان يعلم أنه بحاجة. لا يهم حجم المبلغ تعطيه، صغيراً أو كبيراً، إذ أن العطاء مهما صغر فسيكون أفضل من عدمه. ومن ليس لديه المال ليعطيه، يمكنكم التبرع بشيء لا يقل قيمه عنه، ألا وهو وقتكم.
معاً، يداً بيد، نستطيع أن ننجز الكثير!
وأخيراً، اسمحوا لي أن أتوجه بالشكر للصديق العزيز رياض صادق الذي وضع يده بيدي لنبدأ سوية في وقت لم أكن أملك فيه شيئاً والذي حافظ على التزامه بالجودة والتميز طوال تلك السنين.
كما أتوجه بالشكر أيضاً إلى المستشارين والمدراء في مجموعتي الذين عملت معهم منذ وقت طويل والذين اعتمد كثيراً على حكمتهم وصواب رأيهم. وأشكر أيضاً موظفينا الذين رافقونا طوال تلك السنوات من عمر مجموعتنا، السمان منها والعجاف. والشكر موصول أيضاً لكل شركائنا التجاريين ولكل من قدم أي إسهام في النجاح الذي حققته مجموعة الحبتور. وأقول لكم جميعاً: لولا جهودكم لما كنت أقف بينكم هنا اليوم لأتحدث إليكم في هذه المناسبة.
أكرر شكري لكم جميعاً على مشاركتكم لنا الاحتفال بهذه المناسبة الغالية على قلوبنا.
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته