مهرجان طيران الإمارات للآداب في دورته الثامنة
جائزة خلف أحمد الحبتور للإنجاز
لمشاهدة فيديو الكلمة، اضغط هنا
الجمعة، 11 مارس 2016 (5-6 مساءً)
مركز إنتركونتيننتال للفعاليات، دبي فستيفال سيتي (قاعة المؤتمرات: الراس 2)
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السيدة إيزابيل أبو الهول "أم منصور"، سيادة اللواء حارب بن حاضر، الأصدقاء، السيدات والسادة المحترمين ، يسرّني أن أكون هنا من جديد لأقدّم جائزة خلف أحمد الحبتور للإنجاز للسنة الثالثة على التوالي، في إطار مهرجان طيران الإمارات للآداب.
أبدأ كلمتي بتوجيه الشكر لك أم منصور على كل الجهود التي تبذلينها والتي جعلت من مهرجان طيران الإمارات للآداب قصة نجاح وتألق. أنت سفيرة دولة الإمارات إلى العالم. نبذل، نحن رجال الأعمال، جهوداً دؤوبة بالتوازي مع قادتنا، من أجل إعلاء شأن بلادنا، دولة الإمارات العربية المتحدة، ورفع اسمها عالياً في المحافل الاقتصادية والاستثمارية. والجهود التي تبذلينها لا تقل قدراً وشأناً من أجل الارتقاء بالإمارات في الميدان الثقافي. في كل عام، يتقدّم مهرجان طيران الإمارات نحو مستويات أعلى فأعلى. واليوم، أصبح الحدث الأكبر من نوعه في المنطقة، حيث يستقطب كبار الكتّاب في العالم، ويشرّفني أن أكون جزءاً منه. أحييك، أم منصور، على كل ما تقومين به في هذا المجال.
بما أن الإمارات دولة فتيّة، يظن العالم أننا لسنا أغنياء ثقافياً، لكن هذا غير صحيح. أقول هذا انطلاقاً من تجربتي الشخصية. لقد نشأت منذ نعومة أظفاري على حفظ الشعر وعشقه. في صغري، كان والدي المغفور له أحمد بن محمد الحبتور يصطحبني إلى الصحراء معه ليعلّمني ركوب الخيل والجمال. عندما يهبط الليل، كنّا نتقاسم التمر مع جمالنا، وكان يقرأ على مسامعي قصائد المتنبي وأحمد شوقي وبن ظاهر، وقصائده الخاصة.
دولة الإمارات العربية المتحدة دولة غنية، من نواحٍ عدّة، بتاريخها وثقافتها، ويسرّني أن العالم بدأ يتعرّف على كبار مفكّرينا وشعرائنا وكتّابنا وفنّانينا من رجال ونساء على السواء، وهذا يقودني إلى الحديث عن سبب لقائنا هنا اليوم.
يسعدني أن أقف أمامكم اليوم لتكريم صديقي، الراحل محمد بن حاضر "أبو خالد"، أحد أشهر الشعراء في دولة الإمارات ومجلس التعاون الخليجي. عرفت أبا خالد لسنوات طويلة، ولطالما كنت معجباً بروحه وقوة عزيمته. كان طليعياً في تفكيره، سابقاً لعصره. كان نبعاً من المعرفة، موسوعة متنقّلة. كان صادقاً، يقول الحقيقة دائماً، مهما يكن من أمر، وقبل كل شيء، كان رجلاً يرى الجمال في الحياة والحب والأسرة والوطن.
كتب محمد بن حاضر قصائده دائماً باللغة العربية الفصحى. كان فخوراً بتراثنا وثقافة بلادنا، وكان شغوفاً بهما. أود أن أقرأ عليكم بعض الأبيات من إحدى قصائده، وألتمس العفو منكم مسبقاً، لأنه لم يُنعَم علي بموهبة إلقاء الشِّعر:
هي تلك الفتاة الرَّداح البضَّة، التي كانت تُحَلِّق جمالاً على قمم السحاب
الحُسْنُ أحْمَرُ والحِسانُ وُرُوْدُ والعاشِقُونَ لدى الحِسَانِ عَبِيْدُ
يامَنْ فُتِنْتُ بِخَدِّها وبِثَغْرِها هَلْ لي إلى تِلْكَ الشِفَاهِ وُرُوْدُ؟
فَأَذْوقُ مِنْ شَفَتَيْكِ أَحْلَى خَمْرةٍ رُوْحَ الحَياةِ، إلى الَمواتِ تُعِيْدُ
حُلُمُ لِقَاؤُكِ لو تَحَقَّقَ مَرَّةً فالعُمْرُ عِيْدُ والحَياةُ خُلُوْدُ
بقلم محمد بن حاضر، 2004
أبو خالد، يا صديقي، نشتاق إليك كثيراً. الرجال والنساء أمثال محمد بن حاضر يستحقون التقدير والتكريم، يجب الحفاظ على إرثهم من أجل أولادنا وأحفادنا.
أدعو حكومتنا اليوم إلى إطلاق اسم محمد بن حاضر على أحد معالم المدينة. اجعلوا الناس يتساءلون من هو هذا الرجل ويتعرفوا عليه. محمد بن حاضر، عوشة بنت خليفة السويدي "فتاة العرب"، وسواهما الكثيرون، هؤلاء هم سفراء ثقافتنا الحقيقيون إلى العالم، وعلينا تكريمهم والحفاظ على أعمالهم.
أودّ أن أعرب عن امتناني لأسرة أبو خالد لوجودها معنا اليوم من أجل الاحتفاء بحياته وإرثه. بفضل أشخاص مثل محمد، استطاعت دولة الإمارات الحفاظ على ثقافتها وتراثها.
تطورّت دولة الإمارات من صحراء إلى دولة من الطراز العالمي . إنها اليوم من عجائب العالم. لقد حققت الإمارات ما عجزت دول أخرى عن إنجازه. لدينا اقتصاد قوي ومنوَّع انطلق مع التجارة منذ سنوات طويلة. وحتى يومنا هذا، لا تزال التجارة تستحوذ على حصّة كبيرة من اقتصاد الإمارات بفضل موقعنا بين أوروبا والشرق الأقصى.
كان الصيد وجمع اللؤلؤ المصدر الرئيسي للدخل قبل اكتشاف النفط عام 1962. يفكّر الناس في النفط عندما يسمعون باسم الإمارات العربية المتحدة. لكنه لم يعد العنصر الأساسي في اقتصادنا الغني والمتنوّع. على الرغم من تغير المشهد، حافظنا على العناصر التي صنعت ماضينا. ما زال بإمكانكم اختبار الحياة الصحراوية، والصيد بالصقور ، وزيارة موانئ الصيد والأسواق والمتاحف والمراكز الثقافية. ويمكنكم أيضاً رؤية جِمال تطوف بحرية. هذا هو ماضينا، ويجب أن يبقى جزءاً من مستقبلنا.
في غضون أربعة عقود فقط، حوّلنا الإمارات المتصالحة إلى دولة من الطراز العالمي ينظر إليها العالم بأسره بعين الحسد. اليوم، تضم دولة الإمارات اثنَين من أشهر المتاحف في العالم – غوغنهايم واللوفر. ولدينا متاحف محلية المنشأ، مثل متحف المرأة الذي أسّسته الدكتورة رفيعة غباش الفائزة الأولى بجائزة خلف أحمد الحبتور للإنجاز عام 2014.
أفتخر بأن هذه البلاد هي وطني الإم، كما أن عدداً كبيراً من أبناء الجاليات الاغترابية القادمين من مختلف أنحاء العالم يعتبرونها موطناً لهم. يجلبون عائلاتهم للإقامة هنا، ويستثمرون هنا، لأنهم يدركون أن دولة الإمارات تقدّم لهم فرصاً وافرة لاستثمار أموالهم بطريقة آمنة وسليمة. تؤمّن لهم الدولة منازل وتعليماً فائق الجودة لأبنائهم وبناتهم، وكذلك أجواء مؤاتية كي تزدهر أعمالهم، والأهم من ذلك كله، توفّر لهم الأمان والطمأنينة.
في حين تغلق بلدان أخرى أبوابها أمام الوافدين وتمارس التمييز على أساس اللون أو الدين، ترحّب دولة الإمارات بالجميع بغض النظر عن الدين أو العرق أو الجنسية.
دولة الإمارات العربية المتحدة هى الملاذ الآمن في العالم.
شكراً لكم!