تتولى الولايات المتحدة #الأمريكية، القوة العظمى الوحيدة في العالم، مسؤولية محاربة الإرهاب عالمياً بدعم من حليفاتها في الغرب. الإرهاب هو ندبة على وجه الأرض ولهذا، من ناحية المبدأ، يفترض بنا أن نكون ممتنين لواشنطن على ما تبذله من جهود لجعل عالمنا أكثر أماناً. لكن للأسف أن واشنطن حتى الآن تواجه فشلاً ذريعاً على هذا الصعيد.
فقط الشهر الماضي أوقعت تفجيرات السيارات المفخخة في بغداد التي اتهمت القاعدة بتدبيرها 127 قتيلاً فيما سقط الأسبوع الماضي ثمانية قتلى في تفجيرات في إحدى البلدات غرب العاصمة العراقية. ولا تقل الصورة في أفغانستان سواداً عما هي في العراق. إذ أودت عملية انتقامية ضد المخابرات المركزية #الأمريكية بحياة سبعة من عملائها هناك فيما قتل أوائل هذا الشهر أربعة جنود أمريكيين وجندي بريطاني.
الخسائر البشرية تتعاظم ومع ذلك لم تقترب الولايات المتحدة من تحقيق أهدافها سواء بتحقيق الإستقرار في العراق أو القبض على أسامة بن لادن أو القضاء على طالبان. قد تكون هذه الحالة سيئة غير أنها أيضاً تمثل الحقيقة التي لا يمكن نكرانها.
بعد ثمانية سنوات متواصلة من السياسات #الأمريكية العدوانية والمتحيزة ضد العرب في عهد إدارة بوش، رحب العرب بقدوم الرئيس أوباما. لقد صدّقنا وعوده المتحمسة. لقد وثقنا بخطاباته الواعدة. لقد شعرنا بالارتياح لأن هذا الزعيم الجديد للعالم الحر كان مستعداً للإنصات إلى اهتماماتنا ومخاوفنا على نحو ما أكد عليه في القاهرة. غير أنه وللأسف أخفق في تحويل هذه الأقوال إلى أفعال.
دعونا نتكلم بصراحة. إننا لا نستطيع أن نغفل أن هناك حفنة من الناس في منطقتنا من يشعرون بالغضب وهم على استعداد لإراقة دماء الأبرياء. لا سبيل لإنكار ذلك. غير أن واشنطن أيضاً لم تفلح أبداً في أن تعترف بأن الشعوب في الشرق الأوسط هي إحدى أهداف للإرهاب أيضاً.
بدلاً من اتخاذ موقف تمييزي عبر استفراد مواطني 14 دولة معظمها إسلامية واعتبارهم مصادر خطر محتمل على الرحلات الجوية، كان حرياً بالولايات المتحدة أن تقف جنباً إلى جنب مع هذه الدول لخدمة قضية مشتركة. وأعني بذلك أننا جميعا هدفا للإرهاب!
إن كانت واشنطن تريد حقاً إيجاد حل لهذه المشكلة السرطانية، عليها أن تتراجع خطوة للوراء. إن الوجود المكثف للقوات #الأمريكية في المنطقة يستفز شعوبها ويثير الكراهية. كما أن معظم عناصر الاستخبارات والقادة العسكريين والميدانيين ليست لديهم أي معرفة بكيفية التعامل مع أهل المنطقة.
نادراً ما تجد بين الأميركيين من يجيد الحديث بلغات المنطقة أو يكترث بضرورة فهم الأعراف الثقافية فيها وفي كثير من الأحوال لا يكونون قادرين على التمييز بين العدو والصديق. كما يسقط هؤلاء كثيراً في فخ ما يسمى "معلومات استخبارية" يتبين لاحقاً أنها مفبركة لتتناسب مع غايات طرف ما.
نحن نفهم ثقافة الناس في منطقتنا، منطقة الشرق الأوسط وطريقة تفكيرهم ولهجاتهم المختلفة مما يجعلنا الأفضل والأقدر لاختراق شبكات الإرهاب وجمع المعلومات الاستخبارية. كما أننا قادرون على تمييز مع من نتفاوض ومن نحارب. وحين ينتشر مرض الإرهاب في شرايين منطقتنا فعلينا أن نكون نحن الذين نقوم ونشرف على علاج أنفسنا وتحديد الدواء المناسب.
إن المملكة العربية السعودية تستحق الثناء على نجاحها في إفشال خطط الجماعات الإرهابية على ترابها الوطني وتمكنها من دحر تمرد الحوثيين في شمال اليمن إلى الحد الذي يجعلهم اليوم يطلبون التفاوض.
غير أننا يجب أن لا نكافئ مثيري المشاكل الذين يهددون أمن كل دول المنطقة عبر قبول التفاوض معهم. بل يجب تلقينهم درساً لا ينسوه.
يتعين على الدول العربية كلها أن تعمل وتتعاون مع السلطات اليمنية لاستئصال هذا السرطان نهائياً للرد على حالة عدم الاستقرار السائدة في اليمن الذي تقاتل حكومته على ثلاث جبهات ضد الإرهابيين والمتمردين.
وهنا أريد أن أكون واضحا. أنا لا أقول بأني أطالب وزراء خارجية دول الجامعة العربية بالشروع في مناظرات مطولة ليس من شأنها إلا أن تسفر عن بيانات مخففة لا معنى لها. ولأكون صريحاً أكثر، أنا لا أعني أيضاً مناشدة الجمعية العمومية للأمم المتحدة لتمرير قرار إدانة لن يكون سوى مضيعة للوقت. بل يتعين علينا أن نوفر لصنعاء كل ما تحتاجه من دعم عسكري. وإلا فما معنى أن يكون لدينا قوات برية وجوية وبحرية متطورة إن لم يكن لها دور سوى الاستعراضات العسكرية الأنيقة في الأعياد الوطنية؟
معظم الناس في هذه المنطقة يكرهون الحروب. لقد تعبنا من الحروب. ولكن أحياناً لا يكون هناك خيار آخر. إن تركنا اليمن ليواجه لوحده الفوضى والانقسام فسيعم وباء الإرهابيين والمتمردين المنطقة بأكملها. ولهذا يتعين أن يكون إحلال الاستقرار في اليمن أولويتنا القصوى، والدولة المؤهلة أكثر من غيرها لتقود هذا المجهود هي المملكة العربية السعودية بما يتوفر لديها من قوات مسلحة عالية التدريب وعتاد متطور جداً.
إن النجاح في استئصال شأفة الإرهاب لا يتحقق بمجرد إسقاط القنابل دون تمييز من على ارتفاع 30 ألف قدم أو القدرة على اقتحام المدن والقرى والسيطرة عليها. مما لا شك فيه أن القنابل تثير السخط لقتلها المدنيين دون تمييز فيما تعود المدن والبلدات بعد السيطرة عليها بالقوة لتصبح ضعيفة وهشة من جديد بعد مغادرة الجيوش لها وهو ما يحدث دوماً.
الحقيقة هي أن الموقف العربي كان موقفاً مخزياً وهم يقفون في الظل ويكتفون بمشاهدة العم سام وهو يلعب على أوتار الانقسام الفئوي الفلسطيني فيما تتسلل إيران من الأبواب الخلفية. لم يكن أحد قبل سنوات قليلة فقط يتخيل أنه يمكن لفلسطينيين أن يصبحوا حلفاء لإيران.
كما يستحق القدر نفسه من الإدانة أيضاً الموقف العربي غير المكترث إزاء العراق الذي تعرض للغزو والاحتلال ومن ثم إعادة الاحتلال على يد عملاء إيران داخل الحكومة العراقية. يجب على القادة العرب فعل كل ما بمقدورهم لمنع النفوذ الإيراني من التغلغل في نسيج أي دولة عربية. يجب استخدام كل الكوابح الممكنة لضمان منع إيران من استخدام السلاح والأموال كأدوات للتدخل في الشؤون العربية.
يتعين على دول الشرق الأوسط ودول الخليج أن تكون فاعلة ونشطة بدلاً من أن يقبعوا دون حراك ويتركوا الآخرين ليقومو بالمهمة نيابة عنهم. إن من واجبنا نحن الدفاع عن صفوفنا الخلفية وكلما أسرعنا في المباشرة بذلك كلما كان أفضل. أما اختيار المقاعد الخلفية على أمل أن يخلصنا الغرب بعصاه السحرية من مشكلاتنا فهو تهرب من المسؤولية حري بنا ألا نقبله بعد اليوم.